[justify]
سألتني فتاة طيبة القلب وهي مندهشة :
لماذا لا تقومين بتهذيب حاجبَيك ؟!!!
فابتسمتُ لها وسألتُها بدوري: ولماذا أقوم بتهذيبهما؟!!
قالت:إن الجميع يفعلن ذلك !
فقلت : ” لا يا عزيزتي ، ليس الجميع …
بل طائفةٌ من النساء والفتيات فقط ، أتعلمين لماذا يفعلن ذلك؟
قالت : لماذا؟
قلت : إنه مجرد تقليد لبعض نساء الغرب ،ولكنه – مع مرور الوقت – أصبح عادة .
قالت : ولماذا فعلت نساء الغرب ذلك؟
قلت لها: لأن الناس- من غير المسلمين- في الغرب يا حبيبتي يعيشون فراغا ً نفسيا ًوعاطفيا ًوروحيا ً،
لأنهم يُغذُّون أجسادهم بكل الطرُق، ومع ذلك فهم ليسوا سعداء.
قالت: و لماذا هم غير سعداء؟
قلت : لأن الله تعالى خلقنا من جسد وروح ، فإذا تغذَّى الجسد دون الروح ظل الإنسان تعيسا ًوالعكس،
إذا تغذَّت الروح فاضت السعادة على الجسد ، حتى لو لم نغذِّيه ، فيصبح الإنسان سعيدا.
يا خادم الجسم كم تسعى لراحته ِ *** أتعبت جسمك فيما فيه خُسرانُ
أقبِل على الروح فاستكمل فضائلها *** فأنت بالروح لا بالجسم إنسان
فابتسمَت قائلة: ولكن تهذيب الحاجبين ينير الوجه !!!
قلت لها: نعم هذه حقيقة، ولكنه نور خارجي مؤقَّت ، يُستبدل في الآخرة بظُلمة في الوجه ، و العياذ بالله …أتدرين لماذا؟
قالت: لا !!
قلت :لأن الله تعالى يجازي مَن يطيعه بأشياء كثيرة منها : النور في الوجه ، والبركة في الرِّزق، ومحبة الناس له ..
والأجمل من كل هذا : رضوان الله !!!!
فظلت تفكر في كلامي ، فأردفتُ قائلة:
هل أدلك يا غاليتي على ما ينير الوجه أيضاً ؟!!
قالت : نعم .
قلت :أولا ً: قيام الليل ، وخاصة في الثُلُث الأخير من الليل حيث يتجلى الله تعالى على عباده فيجيب دعاءهم،
ويغفر ذنوبهم، ويكسوهم من نوره و بهاءه…
قالت : وثانيا ً؟
قلتُ: الوضوء، والغُسل، وتلاوة القرآن ، والصلاة بخشوع ، وطهارة القلب من الغِل ، و الحقد، والحسد ؛ والرِّضا بقضاء الله ، وتقوى
الله في السِّر و العلانية … ولك أن تلاحظي وجوه الطائعين لله ، المتقين له .
والآن يا حبيبتي ساجيبك عن سؤالك :
أنا لا أقوم بتهذيب حاجِبيَّ لعدة أسباب :
أولاً : لأنني أحب ربي عز وجل، فهو الذي خلقهما لي بهذا الشكل ، لذلك انا أحب صُنعه :
” صُنعَ الله الذي أتقَنَ كُلَّ شيء”(سورة النمل -88)
ثانياً : أن الله عز وجل يقول : ” إنَّا كُلَّ شيءٍ خلقناهُ بِقَدَر”(سورة القمر-49 )
فلابد أنهما بهذا الشكل يقومان بعدة مهام ؛ منها أنها
تحمي العينين من العرق ، كما أنني متأكدة من أن الله تعالى قد خلقهما بشكل يتناسب مع شكل وجهي، وبقية ملامحي .
ثالثا ً:أن الشيطان هو الذي يحرِّض على ذلك ؛ كما جاء في القرآن الكريم :
” إِن يَدعُونَ مِن دُونِهِ إِلا إِنَاثاً وَإن يَدعُونَ إِلا شَيطَاناً مَّرِيدا لعنه الله وقال لأتخذنَّ من عبادك نصيبا ًمفروضا ً
وَلأُضِلَّنَّهُم وَلأُمَنِّيَنَّهُم ولآمُرَنَّهُم فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الأَنعَامِ ولَآمُرَنَّهُم فلَيُغيِّرُنَّ خَلقَ الله ” (سورة النساء- 119)
وقد فعل وأمرنا يتغيير خلق الله لوجوهنا التي خلقها الله في أحسن تقويم…فهل أعصي ربي وأطيع الشيطان يا أخيتي؟!!!!
فنظرَت إلي وهي تحاول الإجابة، فقلتُ لها :
أرجو ان تستمعي لبقية الآية لتعرفي الإجابة:
” وَمَن يَتَّخِذِ الشَّيطَانَ وَلِيّاً مِّن دُونِ اللهِ فَقَد خَسِر خُسرَاناً مُّبِيناً، يَعِدُهُم وَيُمَنِّيهِم وَمَا يَعِدُهُمُ
الشَّيَطانُ إِلا غُرُوراً،أوْلَئِكَ مَأوَاهُم جَهَنَّمُ وَلا يَجِدُونَ عَنهَا مَحِيصاً (سورة النساء: 119)
هل تعرفين ماذا يقول الشيطان للذين أطاعوه يوم القيامة ؟
قالت : لا
فقلت قال الله عز وجل
” كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلْإِنسَانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِّنكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ ” (الحشر16)
فنطرَت إليَّ وهي مندهشة …
فقلتُ لا تندهشي إن الشيطان مخلوق ضعيف ،ولكنه لا يريد أن يدخل النار بمفرده لأنه علم يقيناً أن مصيره
إلى النار ،أعوذ بالله منها .
رابعاً: أن الله تعالى قال :
” لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ ” (التين4)
ولو تأمَّلتِ المرأة قبل وبعد أن تنتف حاجبيها لوجدتِ أن شكلها قبله
كان أكثر جمالا وأقرب للطبيعي ،
أما بعد النتف فتشعرين أن بشكلها شيئا ًغير طبيعي، كما أنها تبدو أكثر سِنَّا ً،
ويصبح شكلها أقرب للماجنات العابثات ، فهل تحبين
ذلك ؟
قالت : بالطبع لا .
خامساً : أنني علمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
” لعن الله ُالنامصة و المتنمصة “ فالنمص هو ترقيق الحاجبين وتدقيقه طلباً
للحُسن ، والنامصة هي التي تنتف شعر الحاجبين بنفسها أو تفعله بغيرها ،
أما المتنمصة فهي التي تأمر غيرها أن يفعل ذلك لها.
هل تعرفين معنى اللعن يا غاليتي؟
قالت : لا .
قلتُ: إنه “الإبعاد والطرد من الخير. وقيل : الطرد والإبعاد من الله..
وكل من لعنه الله فقد أبعده عن رحمته واستحق العذاب فصار هالكاً
هل تعرفين نتائج الطرد من رحمة الله؟
قالت : لا .
قلتُ: إن المسلم ، وحتى رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يدخل الجنة بعمله ،وإنما برحمة الله
فهل من المنطقي أن أضيِّع نعيم الجنة
الدائم الذي يُعد هو المستقبل الحقيقي، من أجل بضع شعرات؟
قالت : بالطبع لا .
قلت :إن سعينا في الدنيا كله وعبادتنا لله ماهي إلا طلبا ًلرحمة الله ،
ألا تسمعين حين يقال : فلانة توفيت، ألاندعو لها بالرحمة و نقول
رحمها الله ؟
قالت : بلى !
قلت: فهذه الرحمة التي يتسابق إليها عباد الله ويتنافس فيها أولياؤه وأولهم الرسول صلى
الله عليه وسلم-الذي غًفِرَ له ما تقدَّم مِن ذنبه وما تأخَّر- قد ابتعدَت عنها النامصة – هداها الله – بل
واقتربت من لعنته وسخطه –سبحانه- من أجل شعيرات تزيلها من حاجبيها!!!!”
أما سمعتِ قول رسول الله صلى الله عليه وسلم:
” لن يدخل الجنة أحد إلا برحمة الله ، قيل ولا أنت يا رسول الله ؟ قال ولا أنا إلا أن يتغمدني الله برحمته وقال بيده فوق رأسه “
وهذا في الآخرة ، أما في الدنيا، فانظري ماذا قال الله تعالى عن الملعونين :
” وَمَن يَلْعَنِ اللّهُ فَلَن تَجِدَ لَهُ نَصِيراً “(النساء52)
أي أنه مغلوب مقهور دائماً ، فهل تحبين ذلك لنفسك يا أخيتي؟
قالت : لا ، أعوذ بالله من ذلك ، وأعوذ بالله من النار
ولكن ما رأيُكِ في تشقير الحاجبين؟
فسألتُها : وما رأيُكِ أنتِ؟
ففكرَت طويلا ًثم قالت : ” إذا كان النمص محرما ًلأنه تغيير لخَلق الله ، فإن التشقير تغيير أيضا لخلق الله ،
فقد خلقني الله بصورة معينة لا ينبغي تغييرها.
فربتْت على كتفيها وابتسمت لها ابتسامة حانية ، وأنا أقول : الحمد لله الذي هداكِ لهذا،
وأعانك على أن تستخدمي عقلك في الوصول إلى الحق ،
لقد عبر العلماء عن رأيك هذا بقولهم : “وسواء كان النمص بالنتف واللقط أو بالحفّ أو بالحلق أو بأي وسيلة حديثة فهو نمص .
والحكم يدور مع علـّتِه وجودا وعدما – كما هو مُقرر في علم أصول الفقه –
أي متى ما وُجدت علّـة التحريم وُجِد الحُكم .
والعلة هنا منصوص عليها وهي : تـغـيـير خلق الله .
فالتغيير يحصل بأي وسيلة كانت ، ولذا أفتى العلماء بأن التـّـشقـيـر داخل تحت معنى وحُـكم النّمص
وقد أفتى فضيلة الشيخ عبد الله بن جبرين بأن التّشقير يلحق بالنمص”
قالت لي: ولكن هناك من الدُّعاة من يقول أن التهذيب فقط (أي التخفيف والتنظيم )
وليس النتف الكامل لا يُعد تغييرا لخلق الله !!
قلتُ لها: نعم ، للأسف ،ولكن لا تأخذي الفتوى إلا من أهل الثقة
وتأملي معي: لماذا لم يخلق الله تعالى الحاجبين مهذَّبين بدون
الشعيرات البسيطة من فوقهما وتحتهما؟
لأن كل شيء يفعله الله يكون له سبب وحِكمة لا نعلمها ، ولعلك تلاحظين أن القليل من النساء يكون حاجبيها مهذَّبين دون أن
تلمسهما…وهذا لحكمة أيضا من الله ….ولك أن تسألي طبيباً مختصاً في أمراض العيون ليقول لك، ولكن الأفضل أن تقبلي أمر الله لأنه
من الله ، وليس خوفاً على صحتك !!!!
ولو أن التهذيب فقط غير محرَّم ، لاستطرد الرسول الكريم في حديثه الذي ذكرناه ، وقال :
” لعن الله النامصة و المتنمصة ، إلا من أخذت بقليل من الشعر الذي لا يغير الشكل العام للحاجبين “
فللرسول الكريم صلى الله عليه وسلم أحاديث طويلة في موضوعات أخرى ،و لو كان الأمر كذلك لفصَّل قوله
ولكنه لم يفصِّل بل قال “لعن الله الواشمات والمستوشمات، والنامصات والمتنمصات والمتفلجات للحسن المغيرات خلق الله “
أي أن الحديث بخصوص النمص قد انتهى بمجرد ذكره ، فانتقل إلى موضوع آخر وهو التفلج للحُسن !!!!!
ولكي يزداد قلبك اطمئناناً، دعيني أسألك يا غالية :
هل كانت أمهات المؤمنين والصحابيات يهذِّبن الحاجبين ؟
قالت : لا أعلم .
قلت: روى البخاري ومسلم عن عبد الله بنِ مسعود رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لعن الله الواشمات
والمستوشمات والنامصات والمتنمصات والمتفلجات للحسن المغيرات خلق الله ، قال : فبلغ ذلك امرأة من بني أسد يُقال لها أم يعقوب ،
وكانت تقرأ القرآن فأتته فقالت : ما حديث بلغني عنك ؛ أنك لعنت الواشمات والمستوشمات والمتنمصات والمتفلجات للحسن المغيرات خلق
الله ؟ فقـال عبد الله : وما لي لا ألعن من لعن رسولُ الله صلى الله عليه وسلم ، وهو في كتاب الله ، فقالت المرأة : لقد قرأتُ ما بين
لوحَي المصحف فما وجدتُه ، فقال : لئن كنت قرأتيه لقد وجدتيه قال الله عز وجل :
( وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا)
فقالت المرأة : فإني أرى شيئا من هذا على امرأتك الآن ! قال : اذهبي فانظري . قال : فَدَخَلَتْ على امرأة عبد الله فلم ترَ شيئا ،
فجاءت إليه فقالت : ما رأيتُ شيئا ، فقال : أما لو كان ذلك ما جامعَتنا “، أي ما ساكَنَتْنا ، أي ما اجتمعتُ معها تحت سقف
واحد !!!
أرأيت يا عزيزتي كيف يخشى الرجل على نفسه وبيته وأولاده من امرأة ملعونة؟
هؤلاء يا أخيتي من النساء هن قدواتنا الحسنة ، ومادمن لم يفعلن ذلك، فإن علينا أن نتبعهن،
فذلك خير لنا في الدنيا والآخرة …لأنه”مَن تشبَّه بقومٍ فهو منهم” كما قال صلى الله عليه وسلم .
فهل نتشبه بالكافرات لنصاحبهن في جهنم والعياذ بالله ؟
قالت : أعوذ بالله من جهنم .
قلتُ : إذن فاعلمي يا غالية أن الله جلَّ وعلا لم يُحرِّم عليك الزينة مطلقاً، وإنما جعلها مقيدة بما يحفظ عليك مصالح الدنيا والآخرة، فما
حرّمه الله من الأمور في الزينة إنما حرَّمه لما فيه من الضرر الأكيد سواء أدركَته عقولنا القاصرة أم لا
ولكي تتأكدي أن الله تعالى ورسوله الكريم صلى الله عليه وسلم لا يأمران إلا بخير ، ولا ينهيان عن شيء إلا لحكمة
إستمعي معي لرأي الأطباء في هذا الأمر :
يقول الدكتور وهبة أحمد حسن (الأستاذ بكلية الطب بجامعة الإسكندرية ): ( إن إزالة شعر الحواجب بالوسائل المختلفة ثم استخدام
أقلام الحواجب وغيرها من ” مكياجات ” الجلد بدلاً منها ؛ لها ثأثيرها الضار، فهي مصنوعة من مركبات معادن ثقيلة.. إلى أن قال: إن
إزالة شعر الحواجب بالوسائل المختلفة ينشِّط الحلمات الجلدية، فتتكاثر خلايا الجلد ،وفي حالة توقف الإزالة ينمو شعر الحواجب بكثافة
ملحوظة ،وإن كنا نلاحظ أن الحواجب الطبيعية تلائم الشعر والجبهة واستدارة الوجه”
كما تحدَّث أخصائيو أمراض العيون عن حالتين لالتهاب النسيج الخلوي حول العين بسبب نتف الحواجب:
الأولى لامرأة بلغ عمرها اثنين وعشرين سنة ، حدث لها احمرار وتورم بعد يومين من نتف حاجبيها ،
والثانية :لامرأة كان لديها احمراراً وألماَ حول حاجبها بعد يوم من نتف الحواجب وصبغها بواسطة أخصائي تجميل،
وبعد أربعة أيام التهبت منطقة ما حول العين. وأدخلت المريضة المستشفى.
وأعطيت المضادات الحيوية وريدياً ورغم هذا تشكلت فقاعات وقد خلفت الحالة بعد شفائها عيباً وتشوهاً شديداً بحجم 6سم
وتقول الدكتورة ريم الساعاتي – اختصاصية الأمراض الجلدية -: بدايةً يجب التنبيه أولاً على أن إزالة شعر الحواجب
من الناحية الشرعية حرام، أما عن الأضرار الصحية فقد يحدث التهابا في أجربة الشعر ينتج عنه
تصبغ بلون بني بعد شفاء الالتهاب وبالنسبة لصبغ شعر الحواجب فقد يسبب تحسسا في الجلد يظهر على شكل احمرار
وحكة في المنطقة التي استعملت فيها الصبغة، كما أن رسم الحواجب باستعمال الماكياج قد يسبب حساسية أيضاً
من جراء استخدام مستحضرات التجميل، أما المرأة التي ترسم الحواجب بطريقة الوشم فتتعرض لمشاكل عديدة
منها انتقال بعض الأمراض بإبر الوشم أو الحساسية من المواد المحقونة في الوشم
وأثبت الطب حديثا أن شعيرات الحاجبين متصلة بخلايا في الدماغ وكلما نُزعت شعرة من هذه الشعرات
ماتت الخلية المتصلة بهذه الشعرة.. وهذا الأمر خطر على الإنسان لأن الدماغ مليء بالخلايا
و كما هو المعلوم فإن الخلايا الدماغية لا تتجدد بعد موتها كما هو الحال بالنسبة لباقي الخلايا الجسدية العضوية
قالت متعجبة : سبحان الله !!!!!!!!!
ولكن ألم يأمر الله بطاعة الزوج؟
قلت: نعم
قالت : إن بعض النساء ينتفن الحاجبين ليتزيَّنّ للزوج، أو لأن الزوج أمرهن بذلك !!!!
قلت : هل تظنين يا أخيتي أن من تُرضي زوجها بشيء يغضب الله سوف تُفلح؟
هل تتصورين أن يكون ذلك سببا ًفي رضا زوجها عنها ؟!!!!
فنظرت إليَّ في حيرة …
فقلت لها : من المعروف أنه ” مَن أرضى الله بسَخَط الناس، رضي الله عنه وأسخط الناس ،
ومن أسخط الله برضا الناس، سخط الله عليه وأسخط عليه الناس”
فقلوب الناس كلها بيديه سبحانه يقلِّبها كيف يشاء… ولو أراد الله أن يحبها الزوج لأحبها ولو كانت أقبح نساء الأرض!!!
أما عن طاعة الزوج وغيره يا حبيبتي فلا تكون في أمرٍ نهى الله عنه، لقوله صلى الله عليه وسلم : “لاطاعة لمخلوق في معصية الخالق “
قالت : وماذا تفعل من كانت ترقِّق حاجبيها أو تهذبهم وتريد الإقلاع عن ذلك؟
قلت : تتوب فورا ً بدون تأجيل لأن الشيطان يكره هذه التوبة ، ولذلك فسوف يوسوس لها بالتأجيل والتسويف الذي يعد أحد مداخله
،وبما أن الموت يأتي فجأة بدون استئذان،فإن تأجيل التوبة ليس من مصلحتها .
قالت : وكيف تتوب؟
قلتُ : إن شروط التوبة يا غالية أن تتوقف فوراً عن الذنب، وتندم على فعلها له ، ثم تعاهد الله تعالى على ألا تعود إلى ذلك ثانيةً.
قالت : وبعد ذلك؟
قلت : ستنمو الشعيرات بالتدريج ،وعليها أن تحتمل ما قد تراه من الشعيرات المتناثرة هنا وهناك بدون نظام
لأنها كانت تنزعها من قبل بدون نظام ، وكلما نظرَت إلى المرآة استعاذت بالله من الشيطان الرجيم ،
ثم قامت بتسوية حاجبيها بأناملها،أو بالفرشاة ، أو بكريم مرطب ، ثم تكف عن النظر إليهما
وتُنهي غرضها من الوقوف أمام المرآة وتنصرف….
وهكذا كلما وقفتِ أمام المرآة .
مع الدعاء المستمر لله سبحانه وتعالى بأن يثبت قلبها على دينه وأن يعينها على طاعته .
فإذا صبَرَت حتى يكتمل الشكل الطبيعي للحاجبين فسوف تكون هناك مفاجأة !!!
تعجبت قائلة: مفاجأة ؟ !!
إنني أفكر في التوبة الآن !
قلت: نعم مفاجأة ،ومكافأة في نفس الوقت !!!
قالت : كيف؟
قلتُ: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” مَن ترَك شيئاً لله عوَّضه الله خيراً منه “
وأنتِ جزاء طاعتك لله ومغالبة هواكِ والشيطان سوف تندهشين حين ترين شعيرات حاجبيك قد انتظمت
وعادت إلى سابق عهدها قبل أن ترققيها.
قالت كيف؟
قلت: بقدرة الله ، ولكن لا تسألي ،و لكِ أن تجربي إذا أردتِ أن تتأكدي من صحة قولي، أو تسألي التائبات من النمص .
قالت وما المكافأة ؟
قلتً: ستكون المكافأة أنك أصبحتِ أجمل وأبهى وأصغر سناً بعد أن عاد الحاجبين إلى الشكل الطبيعي ،
فتبارك الله أحسن الخالقين .
لأن جمالك يزداد بطاعة الله.. ونورك يسطع بعبادته سبحانه ، ولكِ في ما أحلَّه الله من الزينة غِنَى وكفاية.. تذكري أن الوجه سيبلى..
والخدود سيأكلها الدود.. والجسد كله سيفنى.. ولا يبقى لك في القبرإلا ما قدّمتِ من عمل صالح.. وكلما شعُرتِ بأنك غريبة بين
النامصات في المجتمع من حولك يمكنك أن تقولي
“الحمد لله الذي عافاني مما ابتلى به كثيراً من خلقه وفضَّلني على كثير من عباده تفضيلاً “
وتذكَّري قول رسول الله صلى الله عليه وسلم : ” طوبى للغرباء، فقيل من الغرباء يا رسول الله قال أناس صالحون في أناس سوء
كثير، من يعصيهم أكثر ممن يطيعهم”
واجتهدي لمصاحبة الصالحات ممن ترتاحين إليهن فإن ذلك يعينك على طاعة الله بوجه عام، كما يشد من أزرك وأزرهن في الخير .
قالت: وأين أجدهن؟
قلتُ : في دروس العلم بالمساجد ، ودور تعليم تجويد القرآن ،وإذا لم تجدي فأيسر وسيلة هي الدعاء لله سبحانه في سجودك أن يرزقك
الصحبة الصاحة التي تعينك على إرضاءه ، وتثبتك على الحق .
ونصيحتي لك يا غالية ، حتى تتجنب ابنتك ذلك في المستقبل إن شاء الله أن تربيها على أن تتزين بالحلال ، وعلى عدم النمص أو تغيير
خلق الله ،وذلك بالقدوة قبل الكلام ، وأن تعلميها الرضا باختيار الله لها ، والثقة في وعده بنصر من ينصر دينه كما جاء في قوله جل
جلاله “يا أيها الذين آمنوا ، إنْ تَنصروا الله ينصُركم ويثبِّت أقدامكم “(سورة محمد -7) وأن تذكِّريها أن نصيبها من الجمال في الدنيا
مهما زاد فهو قليل إذا قورن بجمالها في الجنة ، فهناك –إن شاء الله – سوف تكون أجمل من الحور العين ، بل وسيزداد جمالها كل أسبوع
،لأنها أطاعت ربها رغم وسوسة شياطين الإنس والجن من حولها ، ولأنها روَّضت نفسها الأمارة بالسوء وقاومت شهوتها للجمال الذي
يحرِّمه الله ، وأن جمال الجسم في الدنيا مهما زاد ، فهو – ككل نعمة في الدنيا –نفرح به لفترة ثم نزهد فيه ، بعكس جمال الروح الذي
ينمو ويزداد كلما اعتنينا به ، ويتحول إلى قبول في قلوب الناس .
وحتى يرزقكِ الله الزوج الصالح والإبنة الطيبة ؛ لماذا لا تنصحي البنات من أخواتك وأقاربك وجيرانك وغيرهن من معارفك ؟! ولعلك
تعلمين أن جزءاً من شكرك لله على هدايتك للتوبة من النمص هو أن تعملي أعمالاً صالحة ، لقوله تعالى
“إلا من تاب وآمن وعمل عملاً صالحاً ، فأولئك يُبدِّلُ اللهُ سيِّئاتهم حسنات ، وكان اللهُ غفورا ًرحيماً ” (سورة الفرقان-70)
أي أن كل السيئات التي اكتسبتيها من النمص سوف تتحول إلى حسنات إن أنت أتْبَعتِي توبتك بأعمال صالحة
مثل ذكر الله بالتسبيح والدعاء والشكر ، و صلاة النوافل –وخاصة قيام الليل ولو بركعتين- وتلاوة القرآن الكريم
( وخاصة تلاوته بالطريقة الصحيحة كما قرأه جبريل على النبي صلى الله عليه وسلم )
والصَّدَقة ، وصوم النوافل ،وأداء العمرة ، والحج لمن يستطيع … وغير ذلك مما يتيسر لك .
ثم لماذا لا تحاولي أن تتدعي غيرك للتوبة من النمص ألم تسمعي بُشرى الحبيب صلى الله عليه وسلم : ” فوالله لأن يهدي الله بك رجلاً
واحدا ًخير لك من أن يكون لك حُمُر النَّعَم “
قالت : وما حُمُر النَّعَم؟
قلتُ: هي ” أجود الإبل وأحسنها ، وهناك من قال : هي الإبل الحامل ،
والمقصود بها السيارات الفاخرة التي يتمناها الناس لأنفسهم ،
ولقد عبر الرسول الكريم عنها بالإبل لما لها من مكانة عظيمة لدى العرب .
قالت متعجبة : وهداية شخص واحد على يديَّ خير منها؟!!!
قلت : بلى يا غاليتى ، إن فائدة ذلك يعود عليك وعليهن جميعا ، ويثبِّت قلبك على عدم النمص وعلى عدم معصية الله تعالى بشكل عام
، ويجعلك –إن شاء الله – في مقام الأنبياء… أليست الدعوة إلى الخير والحق وظيفة الأنبياء؟!!!
فإذا كنتِ لا تجيدين النصح برفق وحِكمة ، فلك أن تقومي بإهداءهن كتيباً أوشريطا حول هذا الموضوع .
قالت : الله المُستعان .
فقلتً : أحسنتِ يا غالية ، فإن الرسول صلى الله عليه وسلم كان دائماً ما يستعين بقوة الله وهدايته وتوفيقه بعد كل صلاة قائلا:
”اللهم أعِنِّي على ذِكركَ وشُكرك وحُسن عبادتك “
فإذا كان المعصوم ، الذي لا ينطق عن الهوى- صلى الله عليه وسلم - كان يفعل ذلك ، فما أحوجنا نحن إلى هذا الدعاء !!!
فأومأت برأسها وهي تُقر بذلك ، وودَّعتني بحرارة
فودَّعتها وأنا أدعو لها بالتوفيق والمزيد من الهُدى والرشاد .
من كتاب لماذا لا تهذبين حاجبك
لـ د . أماني زكريا الرمادي
مع بعض الإختصارات والإضافات
المصدر